رئاسة الجمهورية بين منهجي 17 أيار و 25 أيار
د.نسيب حطيط
في الذكرى السنوية التاسعة والثلاثون للحرب الأهلية في لبنان يتنافس على الرئاسة منهجان متناقضان أحدهما من مواليد إتفاق 17 أيار1982 وآخر من أنصار عيد التحرير 25 أيار 2000.
بعد حوالي أربعة عقود من إفتعال الجريمة الوطنية والإنسانية التي وصفت بالحرب الأهلية ، كتعبير مجازي لأولى الحروب الإسرائيلية بالوكالة عبر (السلفية المسيحية) المتطرفة التي تحاكي بأفعالها تصرفات وسلوكيات السلفية التكفيرية المعاصرة ،عندما أعلنت بعض القوى المسيحية بالتحالف مع العدو الإسرائيلي حربها ضد المقاومة الفلسطينية وتجاوزاتها ،بما يحاكي ما أعلنته ما سمي بالثورة السورية مبكراً، نواياها بقطع العلاقات مع المقاومة في لبنان وإيران و السلام مع إسرائيل وكررت تجربة (الجدار الطيب) في جنوب لبنان وجيش لبنان الحر فكانت نسخته السورية بالجدار الطيب في الجولان والجيش السوري الحر!
يترشح البعض في لبنان وكأن الزمن تجمد منذ الإجتياح الإسرائيلي عام 1982م الذي كان هدفه الرئيسي القضاء على المقاومة الفلسطينية ، ويطرح بعض المرشحين نفس الشعار عبر إلغاء المعادلة الثلاثية (الجيش والمقاومة والشعب) ونزع السلاح عبر فكي كماشة واحدة إسرائيلية من الجنوب وثانية تكفيرية من الشرق والشمال تربطهما حلقة من مزيج سياسي إسلامي مسيحي يرتبط بالمشروع الأميركي.
والسؤال هل نحن على أبواب حرب أهلية جديدة يقودها التكفيريون ميدانياً وتغطيها قوى مسيحية سياسيا ؟
هل سيجازف اللبنانيون بإشعال فتنة جديدة تقضي على ما تبقى من لبنان ؟
هل سيضطر البعض في لبنان لبدء حركة مقاومة لإسقاط إتفاق 17 أيار جديد ومنع إشعال حرب جديدة لها عشرات خطوط التماس بين المذاهب والطوائف والأحزاب ؟
إن المعطيات الحالية تختلف جذرياً عما كان عام 1982 و 1975 حيث أضيف إلى اللاجئين الفلسطينيين (الخمسماية ألف) أكثر من مليون ونصف نازح سوري وفي ظل الفتن المذهبية ، فإن مليوني لاجئ ونازح يميل أكثرهم إلى المشروع المعادي للمقاومة وإغراقها بأمواج النازحين واللاجئين حتى صار الوضع اللبناني شبيهاً بوضع الخليج حيث عدد المقيمين أكثر أو يساوي عدد المواطنين... وهل يمكن أن يطلق على اللبنانيين اسم (اللبنانيين الحمر) !
إن الخاسر الأول من دعم ترشيح المؤيدين لـ 17 أيار هم المسيحيون الذين أرهقتهم الهجرة والتهجير من فلسطين والعراق و سوريا وعلى المسيحيين أن ينحازوا إلى المرشح الذي ينادي بالتعايش والوحدة الوطنية وعدم التحالف مع فكي الكماشة الإرهابية-التكفيريون والإسرائيليون- فمن ساهم بالتهجير والتصحر المسيحي في لبنان وحشرهم في كسروان وجبل لبنان ليس من مصلحة المسيحيين واللبنانيين تأييده ،حفاظا على الوجود المسيحي في لبنان إبتداءً والوجود المسيحي في الشرق.
المسيحيون مسؤولون عن حماية خياراتهم الوجودية قبل الآخرين وأن لا ينحازوا للمرشح الإستفزازي وعلى المسلمين إحترام الإرادة المسيحية بإختيار ممثلها في النظام الذي يحمي وجودها وحقوقها ويستطيع بناء جسور التفاهم والحوار مع الجناح المسلم.
رئاسة الجمهورية ليست وظيفة أو منصباً ، إنها خيار بقاء أو إلغاء وتهجير وليراجع القادة المسيحيون مواقفهم ولا يضيعوا الوجود المسيحي نتيجة صراعاتهم أو خيارات بعضهم الخاطئة.
التحدي الأكبر أمام القادة المسيحيين روحيين وسياسيين، إما أن يضحوا لحفظ الوجود المسيحي وإما أن يضحوا بالمسيحيين ولبنان لربح ظرفي لن يدوم، فإذا ما تهجر المسيحيون كما في سوريا والعراق وفلسطين فعلى من سيبقى هؤلاء زعماء أو قادة !
هل يفتدون رعيتهم ويتنازلون عن طموحاتهم لإبقاء المسيحيين ومعهم بقاء لبنان أم يحرقوا الأخضر واليابس !
يقول السيد المسيح (ع) ماذا يجني الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه!
ونقول ماذا تجنون إذا ربحتم رئاسة جمهورية وخسرتم وطنكم ؟
لا تقتلوا الشهداء مرتين، مرة عندما قتلوا دفاعاً عن لبنان ومرة ثانية بمكافأة القتلة !